فايز أبو عيد

مع تصاعد التوترات في الجنوب السوري، شهدت المناطق الحدودية توغلاً متكرراً للقوات الإسرائيلية باتجاه منطقة بدعا القريبة من العاصمة دمشق، في احتلال جديد لأراض تضاف إلى الجولان الذي تحتله منذ سنوات جنوب غربي البلاد، مما ألقى بظلال قاتمة على الأوضاع الإنسانية للسكان، بمن فيهم اللاجئون الفلسطينيون الذين تحولوا إلى ضحايا جدد لهذا التصعيد.

 هذه العمليات، التي تثير تساؤلات حول مدى احترام القرارات الدولية، زادت من وطأة الأزمة على مجتمعات كانت تأمل في استعادة بعض الاستقرار بعد سنوات من الاضطرابات.

الفلسطينيون، الذين وجدوا ملاذاً في الجنوب السوري عقب نزوحهم الأول عام 1948، يواجهون اليوم تهديداً متجدداً بالتهجير، القصف المستمر والأوضاع الأمنية المتدهورة أجبرا العديد من العائلات على مغادرة منازلها بحثاً عن الأمان في الداخل السوري أو في دول الجوار، مما عمق جراحهم النفسية والمادية، منازل دمرت، وممتلكات ضاعت، لتعود هذه العائلات إلى نقطة الصفر، بعد أن بدأت للتو في استعادة شيء من حياتها الطبيعية عقب التغيرات السياسية التي شهدتها سوريا.

لم تقتصر تداعيات هذا التوغل على الخسائر المادية، بل امتدت لتشمل حالة من الخوف والقلق الدائم التي باتت هاجساً يؤرق الأهالي، ومع غياب أي ضمانات لمستقبل مستقر وأمن، وهم اليوم، عالقون بين مطرقة التوغل الإسرائيلي وسندان الصراعات الداخلية، معرضين لخطر الموت أو النزوح في أي لحظة.

الواقع الحالي يرسم صورة مختلفة، الفلسطينيون في الجنوب السوري باتوا بلا حماية، ضحايا لتجاذبات سياسية تتجاوز قدرتهم على المواجهة، ومع استمرار هذه العمليات دون بوادر لحل سياسي شامل، تتزايد المخاوف من أن يواجه هذا المجتمع مصيراً مأساوياً قد يصل إلى حد التلاشي التام.

الحاجة اليوم باتت ملحة لتدخل دولي وإقليمي يضمن حماية هؤلاء المدنيين، فالتوغل الإسرائيلي يعيد للأذهان ذكريات النكبة الأولى فحسب، بل يضع الفلسطينيين وأشقاءهم السوريين أمام فصل جديد من المعاناة قد يكون الأقسى، في ظل غياب أي أمل واضح بحل عادل لقضيتهم، إن لم تتحرك الأسرة الدولية بسرعة، فإن التاريخ قد يسجل هذه اللحظة كواحدة من أحلك فصول هذه الأزمة الممتدة.

ومنذ حرب 5 يونيو/ حزيران 1967، تحتل إسرائيل 1150 كلم مربعا من إجمالي مساحة هضبة الجولان السورية (جنوب غرب) البالغة 1800 كلم مربع، وأعلنت في 1981 ضمها إليها في خطوة لا يعترف بها المجتمع الدولي.

واستغلت إسرائيل التطورات الأخيرة واحتلت المنطقة السورية العازلة في محافظة القنيطرة، معلنة انهيار اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974، في خطوة نددت بها الأمم المتحدة ودول عربية.

الرابط المختصر: https://fayzaboeed.com/0udm

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top