فايز أبو عيد 

 بصرى تلك المدينة العريقة التي تقع في محافظه درعا جنوب سوريا، تبعد 40 كم عن مركز مدينة درعا وحوالي 140 كم عن دمشق، والتي تحمل في طياتها تاريخا امتد لآلاف السنين، تشتهر بصرى بقلعتها الصامدة التي تحتضن في طياتها المدرج الروماني، وهو تحفة معمارية كما تمتلك عديدا من المعالم السياحية ،ويكفي هذه المدينة شرفا ان النبي محمدا صلى الله عليه وسلم قد قصدها في صغره، كانت هذه المدينة قبل عام 2011 مقصدا للسياح من كل انحاء العالم لكنها منذ اندلاع الثورة السورية أصبحت رمزا للصمود والتحدي

تاريخ عائلة الأبتلي بعد النكبة

إن لجوء بعض الفلسطينيين قبل النكبة وبعدها لمدينة بصرى الشام يؤكد على مدى الارتباط الوثيق بين الشام وفلسطين، إذ كانت رحلة قريش التجارية إلى الشام تنتهي إلى غزة في فلسطين وإلى بصرى الشام في سوريا.

من بين العائلات الفلسطينية التي وجدت ملاذا آمنا لها في هذه المدينة عائلة الحيفاوي والغزاوي والنابلسي إلا أن هذه العوائل حطت رحالها في هذه المنطقة قبل 1948 لذلك يتمتع أفرادها بالجنسية السورية، إلا أن هناك عائلة الأبتلي، مازال أفرادها محتفظين بجنسيتهم الفلسطينية، كتذكير دائم بحق العودة الذي لم يتحقق بعد، يعود أصل هذه العائلة إلى قلقيليه في فلسطين، حيث هُجروا عام 1948 بعد النكبة التي شردت مئات الآلاف من الفلسطينيين، ويبلغ عدد أفرادها اليوم حوالي 50 شخصًا، وهو عدد صغير مقارنة بعدد المدينة الذي يتجاوز ال30 ألفا، يقطن أفراد عائلة الأبتلي فيما يشبه الحارة بين سكان المدينة من البصارنة، وتشتهر هذه العائلة بالعمل بشكل رئيسي في مجال الميكانيك، وهي حرفة ورثوها عن أجدادهم وأصبحت مصدر رزقهم الأساسي، إضافة لبعض المهن الحرة، ومع ذلك، فإن هذه العائلة، مثل العديد من العائلات الفلسطينية والسورية في المنطقة، تعاني من الفقر والحرمان، فهم يعيشون في حارة صغيرة تقع بين أحياء البصارنة، سكان المدينة الأصليين، ويواجهون صعوبات اقتصادية كبيرة.

الواقع الصحي والتعليمي

على الرغم من التحديات الاقتصادية، تتمتع بصرى الشام ببنية صحية وتعليمية نسبيًا جيدة مقارنة بغيرها من المناطق المتضررة من الحرب، إذ يوجد في المدينة مستشفى حكومي وعديد من المستوصفات، بالإضافة إلى كثرة الأطباء الذين ساهموا في رفع المستوى الصحي للمدينة، ومع ذلك، فيما يبقى الدعم المقدم من منظمة الأونروا للفلسطينيين في المنطقة معدوما ، سواء من حيث الحضور الدائم أو الزيارات الميدانية، أما الدعم المادي الذي تقدمه الأونروا، سواء كان ماليًا أو في شكل مواد غذائية، فهو لا يغطي سوى جزء بسيط من الاحتياجات الأساسية للعائلات الفلسطينية والسورية على حد سواء.

أما من ناحية التعليم، تشتهر بصرى الشام بكثرة المدارس التي تغطي المدينة بل إن هناك مدرسة للمتفوقين ومدرسة مهنية، مما وفر للفلسطينيين فرصة لاستكمال تعليمهم، ومع ذلك، فإن مدارس الأونروا، التي يعتبرها الكثير من الفلسطينيين رمزًا للتعليم النوعي، غائبة تمامًا عن هذه المنطقة وغيرها من مناطق المحافظة المقتصرة على مخيم درعا والمزيريب وجلين، رغم تزايد أعداد الفلسطينيين مع مرور السنين، يقول أحد الفلسطينيين في بصرى: “لم أرَ مدارس الأونروا إلا عبر التلفاز”، مما يعكس الحلم البعيد المنال بالحصول على تعليم مميز في ظل الظروف الصعبة.

يعتبر الجيل الأول من هذه العائلة غير متعلم إلا أنهم اليوم يسعون لتعليم أولادهم بشتى الوسائل.

عائلة الابتلي، تظل كغيرها من العائلات الفلسطينية في سوريا، التي تسعى مجموعة العمل لرصد أوضاعهم وهمومهم، وتسليط الضوء على معاناتهم وآلامهم الإنسانية والمعيشية والاقتصادية والتعليمية، ونقلها بشفافية ومهنية عالية، فهذه العائلة أكدت أننا أول من كتب عنها ورصد واقعها، مؤكدين على أن تحررهم من نظام الأسد البائد جدد أملهم بالعودة إلى فلسطين أرض الأجداد.

الرابط المختصر: https://fayzaboeed.com/ogr4

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top