فايز أبو عيد

يصادف اليوم التاسع من أغسطس، الذكرى الـ 14 لرحيل الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش، الذي يعتبر من أبرز الشعراء الذين ارتبطت اسمائهم بفلسطين وحب الوطن حتى لقب بشاعر الجرح الفلسطيني، كما ساهم في تطوير الشعر العربي الحديث.

درويش الذي خط مدرسة خاصة به في الشعر والأدب، اعتمد من خلالها على رؤية مترابطة المضمون متكاملة الأوصاف ومتشعبة الحكايات، واليوم سنتعرف على هذا الشاعر الذي شغل الدنيا بقصائده؟

سيرة ذاتية

وُلد درويش في 13 مارس عام 1943 في قرية فلسطينية تُدعى البروة، تقع في الجليل قرب ساحل عكا، وخرجت أسرته برفقة اللاجئين حينها عام 1948 إلى لبنان، وعادت من بعد ذلك متسلسلة بعد توقيع اتفاقيات الهدنة.

اعتقلته سلطات الاحتلال الاسرائيلي عام 1961 لتصريحاته المناهضة للاحتلال، ولنشاطه السياسي، وحكم عليه أكثر من مرة بالإقامة الجبرية أيضاً، إلى أن خرج عام 1972 للدراسة في الاتحاد السوفييتي، وانتقل من هناك إلى مدينة القاهرة، ليلتحق بمنظمة التحرير الفلسطينية.

كانت تلك الفترة شديدة الصعوبة على الفلسطينيين عامةً وعلى محمود خاصةً، ويحكي عنها واصفًا إياها: ” كنت ممنوعًا من مغادرة حيفا مدة عشر سنوات. كانت إقامتي في حيفا إقامة جبرية ثم استرجعنا هويتنا، هوية حمراء في البداية ثم زرقاء لاحقًا وكانت أشبه ببطاقة إقامة. كان ممنوعًا عليّ طوال السنوات العشر أن أغادر مدينة حيفا. ومن العام 1967 لغاية العام 1970 كنت ممنوعًا من مغادرة منزلي، وكان من حق الشرطة أن تأتي ليلًا لتتحقق من وجودي. وكنت أعتقل في كل سنة وأدخل السجن من دون محاكمة. ثم اضطررت إلى الخروج”.

غادر بيروت عام 1982، بعد العدوان الإسرائيلي الذي حاصرها وطرد منظمة التحرير منها، ليتنقل بعدها بين باريس وتونس وسوريا وقبرص والقاهرة، قبل أن يعود إلى فلسطين.

من الآثار المهمة لدرويش أنه قام بصياغة وثيقة الاستقلال الفلسطيني التي أعلنت في الجزائر عام 1988.

إنجازاته:

شغل درويش العديد من المناصب الثقافية، وكان رئيسا لرابطة الكتاب والصحفيين الفلسطينيين، وأسس مجلة الكرمل الأدبية الثقافية عام 1981 وبقي رئيساً لتحريرها حتى وفاته، وعمل رئيساً لتحرير مجلة شؤون فلسطينية في بيروت، وأصبح لاحقاً مديراً لمركز أبحاث المنظمة، وبلغت مبيعات دواوينه باللغة العربية وحدها أكثر من مليون نسخة.

عينه محمد حسنين هيكل في نادي كُتّاب الأهرام مع نجيب محفوظ ويوسف إدريس وعائشة عبد الرحمن في مكتب واحد، وبجانب توفيق الحكيم في مكتبٍ منفرد. فنشأت بينه وبينهم صداقة قوية. كانت القاهرة من أهم محطات حياته في تجربته الشعرية حيث صادق الشعراء الذين كان يحبهم وتربى على شعرهم أمثال صلاح عبد الصبور وأحمد حجازي وأمل دنقل والأبنودي.

كما حصد درويش بشعره الكثير والكثير من الجوائز مثل جائزة البحر المتوسط 1980 ودرع الثورة الفلسطينية 1981 ولوحة أوروبا للشعر 1981 وجائزة لينين للسلام من الاتحاد الروسي عام 198، وجائزة الآداب من وزارة الثقافة الفرنسية 1997.

شعره وأعماله ومؤلفاته:

بدأ محمود درويش الشعر في سن صغيرة فكانت أول قصائده وهو في المرحلة الابتدائية، حيث اتسم شعره في تلك المرحلة تكوين وعيه الوطني وانتمائه إلى فلسطين، فيما مال شعره بعد ذلك للتيار الرومانسي في الشعر العربي المعاصر مقتديًا بشعراء أمثال نزار قباني، حتى خرج ليعيش في القاهرة ومن ثم بيروت فبدأ شعره يأخذ طابع الثورية والاهتمام بالقومية العربية. ورويدًا رويدًا تطور أسلوبه فأخذ يستخدم دلالات شعرية أكثر واستخدم التاريخ والدين والأسطورة والأدب والحضارة أكثر من قبل بكثير.

وصل محمود درويش إلى مكانته من خلال كلماته الأولى، قصائد مجموعات “أوراق الزيتون” و”عاشق من فلسطين” و”العصافير تموت في الجليل” تحت المسمّى الكبير لـ “شعر المقاومة”.

للشاعر الكبير محمود درويش أكثر من 40 مؤلفاً، أولها مجموعة “عصافير بلا أجنحة” عام 1960، “أوراق الزيتون” 1964، “عاشق من فلسطين” 1966، “آخر الليل” 1967، “العصافير تموت في الجليل” 1970، “حبيبتي تنهض من نومها” 1970، “أحبك أو لا أحبك” 1972، “محاولة رقم 7” 1973، “يوميات الحزن العادي” 1973، “وداعًا أيتها الحرب، داعًا أيها السلام” 1974، و”تلك صورتها وهذا انتحار العاشق” 1975، “أعراس” 1977، “مديح الظل العالي” 1983، “حصار لمدائح البحر” 1984، “هي أغنية، هي أغنية” 1986، “ورد أقل” 1986، “في وصف حالتنا” 1987، “أرى ما أريد” 1990، “عابرون في كلام عابر” 1991، “أحد عشر كوكبًا” 1992، “لماذا تركت الحصان وحيدا” 1995، “جدارية” 1999، “سرير الغريبة” 2000، “حالة حصار” 2002، “لا تعتذر عما فعلت” 2003، “كزهر اللوز أو أبعد” 2005، و”أثر الفراشة” 2008.

مؤلفاته النثرية:

“شيء عن الوطن”، و”يوميات الحزن العادي”، و”ذاكرة للنسيان”، و”في وصف حالتنا”، و”الرسائل” (بالاشتراك مع سميح القاسم)، و”الكتابة على ضوء البندقية”، و”في حضرة الغياب”، و”في ذاكرة النسيان”، و”حيرة العائد”.

وفاته:

توفي درويش في الولايات المتحدة الأميركية يوم السبت التاسع من آب/ أغسطس عام 2008، وذلك بعد إجرائه لعملية القلب المفتوح في المركز الطبي في هيوستن، التي دخل بعدها في غيبوبة أدت إلى وفاته بعد أن قرر الأطباء نزع أجهزة الإنعاش، ووري جثمانه الثرى بتاريخ 13 آب/ أغسطس ودُفن في قصر رام الله وأعيد تسميته ليكون “قصر محمود درويش للثقافة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top