فايز أبو عيد – بيت فلسطين للثقافة
الزائر لمعرض الكتاب الذي أقامه بيت فلسطين للشعر وثقافة العودة في مقره بمنطقة كيا شهير في إسطنبول تحت عنوان “100 عنوانٍ منَ الدَّهشة ” في الفترة بين 14 – 31 كانون الأول / ديسمبر 2020، يشعر بحميمية كبيرة وهو يرى روعة الاستقبال، وجمال الكتب المصفوفة على الرفوف والتي تحمل عناوين أدبية وشعرية وتاريخية متنوعة مختلفة.
تُحار من أين تبدأ وأنت تقف أمام 100 عنوان قيم يبعث في النفس الدهشة ويحفزك على اقتنائها جميعاً، وكأن لسان حالك يردد ما قاله الشاعر أحمد شوقي في حبه للقراءة والكتب:
أنا من بدل بالكتب الصحابا …. لم أجد لي وافيا إلا الكتابا
صاحب إن عبته أولم تعب …… ليس بالواجد للصاحب عابا
وأنت في حضرة الكتب يتبادر إلى ذهنك سؤال حول فكرة المعرض وأهميته وجدواه في زمن كورونا، وهنا يأتيك الجواب الشافي لدى الشاعر سمير عطية مدير بيت فلسطين للشعر وثقافة العودة إذ يقول: ” تأتي فكرة المعرض في زمن استثنائي بسبب الجائحة، وذلك لتحريك العمل العام وفق المحددات الوقائية في سبيل تقديم عمل ثقافي يساهم في تعزيز المعرفة وتقديم الكتاب للجمهور دون حواجز.
وأشار عطية إلى أنه تم اختيار مجموعة من الكتب التي يقبل عليها القراء بمختلف اهتماماتهم الأدبية والثقافية والمعرفية، فهناك الروايات العربية والمترجمة، وكتب المهارات الإدارية وتنمية الذات وبناء الشخصية وقصص الأطفال، في تنوع جاذب للجمهور الكريم.
وتابع عطية أستطيع أن أقول إنّ ما يجري مشابه لحالات الدّول لا يجري إلا في الظروف الصعبة، وهذه ظروف صعبة أجبرت كثير من القطاعات على الانقطاع عن الجمهور وإلغاء الفعاليات الثقافية والمجتمعية والتعليمية والرياضية، فالكل متضرر والكل متأثر بتفاوت، لقد اعتادت الوزارات والمؤسسات والأفراد على أنماط ومسارات في العمل الثقافي في الفرد والمجتمع، والآن إلى أن تتغير الظروف نحاول التحرك في المساحات الضيقة لتحريك العمل.
تحفزك إجابة الشاعر سمير عطية عن جائحة كورونا وقلة الحضور وإلغاء الفعاليات لسؤاله عن رأيه بالثورة الالكترونية التي أخذت من وقتنا الكثبر وأبعدتنا عن الكتب والكتابة؟، اعتبر سمير عطية أن الأدوات التي توصل المعرفة إلينا تنوعت ومرت بمراحل كثيرة منها النقش على الحجارة والكتابة على جدران الكهوف، إلى ورق البردى والآلة الطابعة، لكن المهم أن نحرص على الأوقات واستثمارها في التحصيل المعرفي والثقافي المناسب، فالحياة لن تتوقف عند شكل واحد من أشكال صناعة الثقافة وأساليب تقديمها، بل ستتغير، وفي كل تغير هناك إيجابيات وسلبيات والأنسب والأولى أن تكون الثورة الإلكترونية أو أي مسمى آخر لها في البعد الإيجابي الأكثر كي ننطلق مجددا نحو ما نريده من أحلام ثقافية تجد طريقها للواقع .
وعن رأيه بالوضع الثقافي العام في الوطن العربي، وعلى مستوى فلسطين على وجه الخصوص أوضح مدير بيت فلسطين للشعر وثقافة العودة أن الأوضاع الثقافية متباينة في الوطن العربي، وذلك نتيجة عدة عوامل منها: الأوضاع السياسية والاقتصادية والهيئات الثقافية فيها وموقعها على خارطة الفعل المعرفي، مردفاً أن الأمر يزداد تعقيدا في فلسطين لأسباب تحتاج إلى تفصيل أكثر، ولكننا نشاهد حاليا بعض الدول العربية تتراجع بحدة مما يجعل الوضع الثقافي العربي أمام تحديات غير مسبوقة.
وحول حصول روّاد الأدب على حقوقهم في الوطن العربي، كما هو الحال في الغرب، شدد الشاعر سمير عطية على أن أغلبيتهم لا تحصل على تلك الحقوق، إلا أن هناك بلاد غنية في الوطن العربي يحصل فيها الأدباء على وضع جيد ولكنه دون الطموح المأمول، لافتاً إلى أنَّ الأمر لا يُقاس فقط بالبعد المالي على أهميته القصوى، فالتنشئة على حب المعرفة والحواضن الثقافية والبيئة المعرفية تجعل الغرب يتفوق للأسف على الوطن العربي وفق أرقام وإحصائيات مرعبة ومخجلة في آن واحد.
وفي الختام لا بد من الإشارة إلى أن معرض الكتاب تخلله العديد من الندوات الثقافية والفكرية التي نوقش فيها العديد من المواضيع الثقافية والتاريخية والأدبية، وطُرح فيها عديد من الكتب لتتم مناقشتها وسرد ما تحويه من أفكار.