في تطور ميداني جديد يشير إلى تصعيد التوترات الأمنية في جنوب سوريا، أفاد مراسل مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية باستمرار توغل الجيش الإسرائيلي الليلة الماضية في قرية جملة والصيصون في ريف درعا الغربي، مشيراً إلى أن القوات الإسرائيلية باتت على بعد أقل من 10 كيلومترات من مخيم جلين للاجئين الفلسطينيين، الذي يُعد ثالث أكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين في محافظة درعا.
يأتي هذا التوغل العسكري في وقت حساس، حيث يعيش مئات من العائلات الفلسطينية في المنطقة، ويُضاف إلى ذلك تواجد العديد من العائلات في المناطق المجاورة مثل وادي جملة والصيصون وعين ذكر.
ومع قرب القوات الإسرائيلية من مخيم جلين، تزداد المخاوف بين اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون في هذه المناطق، حيث يعانون بالفعل من تبعات الحرب والتهجير المستمر.
يشكل مخيم جلين، الذي يضم مئات العائلات الفلسطينية، نقطة محورية في حياة اللاجئين الذين يعيشون هنا منذ سنوات طويلة، ومع تصاعد التحركات العسكرية في المنطقة، بدأ القلق يسيطر على سكان المخيم الذين يواجهون مصيرًا غامضًا في ظل التطورات الأخيرة.
مراسل مجموعة العمل ذكر أن العائلات الفلسطينية في هذه المناطق تواجه خطرًا مزدوجًا، فإلى جانب الحروب والصراعات المستمرة، هناك تهديد متزايد من التوغل الإسرائيلي الذي قد يعرض حياتهم للخطر.
إلى ذلك، يتخوف العديد من سكان المخيم والمناطق المحيطة من أن يكون هذا التوغل بداية لعملية عسكرية قد تستهدف تجمعات اللاجئين الفلسطينيين، مما يزيد من تعقيد أوضاعهم الإنسانية المتردية، في ظل هذه الظروف، يعاني اللاجئون الفلسطينيون في سوريا من العديد من التحديات، أبرزها تدهور الأوضاع الأمنية والمعيشية، فضلاً عن نقص الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم.
وفي حديث لمراسل مجموعة العمل مع عدد من الناشطين والأهالي، أشاروا إلى أنهم يشعرون بعزلة متزايدة، حيث تبدو الطرق إلى المخيم مغلقة أمام معظم المساعدات الإنسانية، مع ارتفاع المخاوف من عمليات التهجير القسري.
كما أشار أبو محمد أحد قاطني المنطقة قائلاً: “نحن لا نعرف ماذا سيحدث غدًا، كل شيء يزداد صعوبة، منذ أن جئنا إلى هنا ونحن نعيش في خوف دائم، ولكن الآن الخطر يقترب أكثر من أي وقت مضى”.
إلى جانب التهديدات الأمنية، يواجه اللاجئون الفلسطينيون في مناطق درعا الغربية وضعًا إنسانيًا متدهورًا، حيث يعيش الكثير منهم في ظروف قاسية، إذ أن النقص في المواد الغذائية الأساسية، إضافة إلى تردي البنية التحتية في المخيمات، يزيد من معاناتهم اليومية، علاوة على ذلك، فإن نقص الخدمات الصحية والتعليمية يشكل عائقًا كبيرًا أمام تحقيق أي نوع من الاستقرار في حياة هؤلاء اللاجئين.
ومع تزايد المخاوف من تصعيد النزاع في الجنوب السوري، يوجه اللاجئون الفلسطينيون في منطقة درعا نداءات متكررة للمجتمع الدولي من أجل التدخل والضغط على كافة الأطراف المعنية لضمان سلامتهم وحمايتهم من أي هجوم قد يستهدف مخيماتهم أو مناطق تواجدهم.
الجدير ذكره أن قريتي “جملة وصيصوان” تقعان قبالة طبريا من الجهة الشرقية الموطن الأصلي لسكان جملة الفلسطينيين، على بعد 45 كيلومترًا غرب مدينة درعا، حيث تطل جملة على مرتفعات الجولان المحتل من الجهة الشرقية، وتحدُّها من الجنوب قرية عابدين، وناحية الشجرة من الجنوب الشرقي، وقرية نافعة شرقًا، فيما تتاخمها عين ذكر شمال شرق، وصيدا شمالًا. تُشكّل القرية، التابعة إداريًا لناحية الشجرة في محافظة درعا، الجزء الجنوبي من هضبة الجولان الشرقية، وتتربّع على المنحدرات المطلة على وادي الرقاد، حيث تلتقي الحدود السورية الأردنية مع الأراضي المُحتلة. وتحديات التوغل الإسرائيلي في حوض اليرموك:
تتوسط قرية جملة، التي يتراوح عدد سكانها بين 5000 و7000 نسمة، منطقةً تجمع بين السحر الطبيعي الأخاذ وصمودٍ إنساني أمام التحديات. وعلى الرغم من جمالها الآسر، تُعتبر نسبة الوجود الفلسطيني فيها أقل مقارنةً بالتجمعات السكانية المجاورة، وهو ما يُعزى غالباً إلى موقعها النائي بعيداً عن مراكز المدن الحضرية. إلا أن هذا العزلة الجغرافية لم تحمِ القرية من تداعيات الأزمات؛ فخلال السنوات الأخيرة، شهدت نزوحاً ملحوظاً، خاصة بين شبابها، نتيجة تدهور الوضع الأمني والاقتصادي الذي بات يهدد نسيجها الاجتماعي.