وضع الشباب الفلسطيني في سوريا أمام خيارات صعبة بفعل التجنيد الإجباري والملاحقة المستمرة لما يسمى خدمة العلم، إما الهروب (الهجرة) إلى خارج حدود سورية، وإما الفرار إلى الداخل إي إلى مناطق خارج سيطرة النظام السوري، فمعظم من بقي من الشباب الفلسطيني في سوريا يفضل الحصار وعمليات القصف والقنص داخل مخيمه على الذهاب إلى الخدمة العسكرية، ويرى ناشطون أن ذلك يعود لعدة أسباب أبرزها أن جيش التحرير الذي أُسس ليكون رافداً من روافد تحرير فلسطين بات اليوم بحسب بعض الدراسات والوقائع لا يوجه بندقيته بالاتجاه الصحيح. كما أن عدم رغبة الشباب الفلسطيني حتى ومن أُجبر على الخدمة العسكرية بعدم حمل السلاح ضد أي جهة كانت، وعدم التورط في الصراع داخل سوريا، وقناعة هؤلاء الشباب بضرورة توجيه البندقية الفلسطينية لقلب العدو الصهيوني.
وتعتبر الخدمة الإلزامية للشباب من أهم المراحل التي يمرون بها، ولكن قسوة هذه المرحلة ازدادت مع اندلاع الحرب في سورية وانعكاساتها الكارثية في مختلف المجالات.
ووفقاً لمراسل مجموعة العمل في دمشق أنه يتم إجبار الشبان الفلسطينيين ممن بلغوا سن 18عاماً على الالتحاق بخدمة العلم في صفوف جيش التحرير الفلسطيني، باستثناء الذين يحصلون على تأجيل دراسي فإنهم يلتحقون بعد أن تنقضي فترة دراستهم، مشيراً إلى أن الشباب في هذا السن يكونون في ذروة عطائهم ويحلمون ببناء مستقبلهم، كما أن عائلاتهم تعتمد عليهم بشكل كبير في مساعدتهم وانتشالهم من أوضاعهم المعيشية المزرية.
وعن طول مدة الخدمة الإلزامية التي باتت تثقل كاهل الأهالي المادية، يقول مراسلنا إن مدة الخدمة الإلزامية قبل اندلاع الصراع في سورية كانت سنة ونصف “18 شهراً “، ولكن مع نشوب الحرب ومشاركة جيش التحرير الفلسطيني إلى جانب قوات النظام السوري أضيف للخدمة الإلزامية ثلاث سنوات خدمة احتياطية، ليصبح مجموع الخدمتين أربعة أعوام ونصف العام، يقضيها الشباب ضمن ظروف صعبة مليئة بالإهمال والتقصير وانخفاض مستوى الرعاية الصحية ونقص الغذاء والضغط النفسي بسبب الإهانات والابتزاز، إضافة إلى ما يواجهها من ضغوط نفسية وجسدية أثناء انخراطه في القتال وخوض المعارك الحربية.
موضحاً أن طول مدة الخدمة الإلزامية ضاعفت من هموم العائلات الفلسطينية وزادت من أعبائها المادية، حيث يضطر الأهالي لدفع مبالغ تصل ما بين 100 إلى 200 ألف ليرة سورية لأبنائهم كمصاريف شخصية بسبب نقص الغذاء وتكاليف المواصلات، إضافة إلى ما يدفعه الأبناء للضباط المسؤولين عنهم جراء ما يتعرضون له من ابتزاز وسوء معاملة من قبل بعض الضباط الذين حولوا الجيش لمزرعة خاصة بهم لجني الأموال الطائلة من جيوب المجندين الذين يجبرونهم على دفع الرشاوي مقابل منحهم إجازة ليوم أو عدة أيام لرؤية عائلاتهم.
ففي حادثة تُدلل على ذلك يقول أحمد (اسم مستعار) مجند يخدم في قوات اجنادين بمنطقة قطنا: “كنت اتعرض يومياً للعقوبة بسبب أو بدونه في الكتيبة التي كنت أخدم بها، وذلك بعد أن علم قائد كتيبتي أنني ميسور الحال ووضع عائلتي المادي جيد، مستطرداً إلى أن مسلسل العقوبات استمر لعدة أسابيع، وكنت على وشك الجنون أو تشكيل فرار من الجيش، إلا أن أحد الضباط نصحني بأن أدفع لقائد كتيبتي حتى أتخلص من تلك العقوبات، وبالفعل أصبحت أدفع له وهنا تغيرت معاملته معي، منوهاً أن غيري من المجندين كثر ممن يدفعون المال لدرء المخاطر والعقوبات والسجن عنهم، بمعنى “إما أن تدفع أو أن يقع كل حمل الكتيبة عليك” .
بدورها تعاني معظم الأسر الفلسطينية من الفقر المدقع وعدم وجود معيل حقيقي لها، خاصة تلك التي يتواجد نجلها الأكبر في الخدمة الإلزامية، أو التي يكون لها أكثر من ابن يخدمون في الجيش، إضافة إلى رفض قيادة الأركان الفلسطينية تسريح أي مجند قبل انتهاء المدة المحددة للخدمة.
أما بالنسبة للشباب اصيب أغلبهم بحالة من اليأس بسبب طول فترة الخدمة الإلزامية، ويتمنون أن يعودوا للممارسة حياتهم الطبيعية، وخاصة منهم أولئك الذين لم يكملوا دراستهم الذين اضطروا للالتحاق بالجيش نتيجة قلة الخيارات وعدم قدرتهم على السفر، لأسباب مادية أو اجتماعية تتعلق بالأسرة أو بسبب مشكلة الأوراق الثبوتية.
يذكر أن الخدمة في جيش التحرير الفلسطيني هي خدمة الزامية للاجئين الفلسطينيين في سورية ممن يبلغون (18 عاماً)، وكان قد قضى إثر المعارك التي شارك فيها جيش التحرير الفلسطيني ضد المعارضة السورية المسلحة.