فاقمت الأزمة السورية وما ترافق معها من انهيار اقتصادي الأوضاع الإنسانية والمعيشية للاجئين الفلسطينيين في سورية، وأصبحت تهدد بوقوع كوارث على كافة المستويات الحياتية للاجئين، الاجتماعية والصحية والبيئية والتعليمية، وتفشي الأمراض الاجتماعية الناجمة عن ارتفاع نسبة الفقر.
ولا يكاد يمر يوم إلا ويصحو الفلسطينيون في سوريا مع أشقائهم السوريين على أزمة خانقة جديدة، تضيق عليهم وتزيد من معاناتهم المتفاقمة أساساً بسبب الأوضاع التي يعيشونها.
وهذه الأزمات المتلاحقة ليست جديدة أو طارئة، بل سبقت حتى الأزمة في سورية، لتصبح مؤخراً علامة على حجم الانهيار الذي يعاني منه النظام بعد تدميره لمختلف جوانب الحياة الاقتصادية خلال سنوات الحرب الماضية.
بعد أن فقدت الليرة خلال السنوات الماضية قيمتها، بسبب تدمير مقومات الانتاج في سوريا، وهو ما انعكس سلباً على القدرة الشرائية للمقيمين من فلسطينيين وسوريين، تصاعدت الأوضاع حدة وهو ما ظهر في ارتفاع جنوني للأسعار شمل المواد الغذائية والألبسة ومواد البناء والأدوات المنزلية والأجهزة الكهربائية ومختلف المنتجات.
وفي مقابل هذا الارتفاع ظلت الرواتب والأجور على حالها، ما أسهم في أزمة معيشية خانقة يعاني منها الفلسطينيون وأشقاؤهم السوريون على حد سواء، دون أن يلوح في الأفق أي حل لهذه الازمة.
وبحسب خبراء اقتصاديين فإن وضع الليرة يسير نحو مزيد من الانهيار، لأن مقومات ارتفاعها مجددا تبدو معدومة، والتخوف يظل قائما من انهيار مفاجئ بشكل أكبر مما حصل حتى الآن.
وبموازاة ارتفاع الأسعار الجنوني جاءت أزمة الحصول على رغيف الخبز لتشكل المعاناة الاكبر، فبعد ان أصبح الحصول عليها مربوطا ومحددا بما سمي بالبطاقة الذكية، بدأ النقص في هذه المادة التي تشكل الوجبة الاساسية يفرض نفسه بقوة ليظهر من خلال الطوابير الطويلة امام المخابز، ليصل الأمر الى الانتظار لساعات للحصول على ربطة منه.
وغصت مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا بصور وقصص تعبر عن حجم المعاناة لمختلف الشرائح في الحصول على الخبز، حتى وصلت الامور الى وفاة بعض كبار السن وتعرض آخرين للضرب والإهانة أمام المخابز المزدحمة.
وامام كل ذلك تكتفي حكومة النظام بالمراقبة والصمت دون ان تبدي اي تصرف سوى رفع سعره وتخفيض وزن ربطة الخبز باعتبار ذلك حلا لهذه المشكلة الجوهرية.
ولتكتمل فصول المعاناة ترافقت هذه الأزمات مع أزمة وقود خانقة، بدأت بالبنزين، ليلحقه المازوت والغاز المنزلي.
وبات على الكثيرين من اصحاب السيارات المبيت امام الكازيات والانتظار احيانا لأكثر من عشر ساعات لتعبئة الوقود، ما انعكس ايضا على واقع قطاع النقل بمختلف صنوفه، فظهرت ازمة نقل على صعيد نقل الركاب والبضائع، وارتفعت اجور المواصلات، وبات وصول الناس إلى اعمالهم هما يضاف الى الهموم والأعباء التي باتت تثقل كاهلهم.
وبخصوص الغاز المنزلي وبعد ان وعدت حكومة النظام إثر اعتماد/البطاقة الذكية/بالحصول على جرة كل 23 يوما، بات الحصول عليها خلال شهرين حلما للجميع.
كل ذلك يأتي رغم لجوء النظام الى هذه/البطاقة/ كأسلوب للالتفاف على المشكلة إلا أنها تتفاقم لتكرس واقعا مأزوما ينعكس بالمزيد من الضغوط والمعاناة على عاتق الفلسطينيين وأشقائهم السوريين بمختلف فئاتهم.
وما زاد الطينة بلة أن السلطات السورية قامت برفع سعر أسطوانة الغاز المنزلي الموزّع عبر البطاقة الإلكترونية إلى ٩٧٠٠ ليرة سوريّة، بعد أن كان سعرها محددا بـ 3800 ليرة، أما سعر الأسطوانة ذات السعة 16 كيلوغراما (الصناعي) الموزعة عبر البطاقة الإلكترونيّة فأصبح هو 40000 ليرة سورية، ليفاقم ذلك معاناة المواطنين في سورية.
يعيش في سورية 438 ألف لاجئ يشكل الأطفال منهم قرابة 36% ، ويعاني أكثر من 40 % من اللاجئين التهجير الداخلي والنزوح عن بيوتهم لا سيما سكان مخيمات اليرموك وحندرات ودرعا، كما أن 91 % من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا يعيشون في فقر مدقع بأقل من دولارين أمريكيين للشخص في اليوم.