فايز أبو عيد
الأحد 21 آب 2016
يقول ” تيودور هرتزل” مؤسس الحركة الصهيونية: ” إذا حصلنا يوماً على القدس وكنت لا أزال حياً وقادراً على القيام بأي شيء، فسوف أزيل كل شيء ليس مقدساً لدى اليهود فيها وسوف أحرق الآثار التي مرت عليها قروناً…”
لقد شكلت الكلمات السابقة” لهرتزل” دليل عمل لقادة الكيان الصهيوني في حملتهم المسعورة على المعالم الأثرية العربية والإسلامية والمسيحية والأماكن المقدسة لقطبي الهلال والصليب، والتي رافقت بواكير الاحتلال الصهيوني للقدس الشرقية في العام 1967، فناهيك عن تعرض مدينة القدس لتغيير وقح ومستمر لطابعها الديمغرافي بغية تهويدها، فإن المسجد الأقصى المبارك والحرم القدسي الشريف لما كان بوصفه أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، يشكل رمزاً أساسيا للتواجد العربي والإسلامي في هذه المدينة، فإن الكيان الصهيوني ما انفك يصب جام حقده ومؤامراته المنافية للشرائع السماوية والإنسانية والدولية على هذا المعلم الحضاري والوجداني العربي والإسلامي، حيث تعرض الحرم لسلسلة من أعمال التخريب الهمجي والحفريات المنظمة والتي جاءت مبكراً منذ العام 1967 بعد الاحتلال بأربعة أيام فشملت الحفريات الناحيتين الغربية والجنوبية، وامتدت إلى الأنفاق أسفل المسجد ومازالت مستمرة حتى اليوم بحثاً عن الهيكل المزعوم من وهم العنعنات التوراتية والتلمودية.
كل ذلك يأتي في سياق مشروع صهيوني خطير يهدف لطمس الشواهد التاريخية والحقائق الحضارية عن التواجد العربي الفلسطيني في القدس تمهيداً لتهويدها، وليصبح لهذا الكيان” حق المطالبة بأراضي الحرم القدسي والأوقاف الإسلامية بعد خطوات ” الترانسفير” المعلنة كجزء من هذا المشروع.
إلاّ أن أشد الأساليب الصهيونية الرامية لتهويد القدس كانت في جريمة إحراق المسجد الأقصى في 21/8/1969، وكذلك في محاولة نسفه عام 1984، هذا غير الحفريات المستمرة من حوله وتحته في محاولة لفتح الأنفاق، وقد سبق ذلك هجوم جندي صهيوني على قبة الصخرة المشرفة عام 1982 وقد بلغ التحدي الصهيوني ذروته في ظل تهديم وتخريب معالم إسلامية كالمدرسة “التنكزية” وحارة المغاربة إضافة إلى الاعتداء على المساجد والمقدسات والتي تأتى ضمن سياسة مبرمجة وممنهجة من قبل قوات الاحتلال.
ففي عام 2011 نفذ الكيان الصهيوني نحو 70 اعتداء على المقدسات داخل فلسطين والقدس والضفة الغربية المحتلة –غير الاعتداءات على المسجد الأقصى نفسه وتمثلت أبرز الاعتداءات في إحراق ثمانية مساجد وجرف 120 قبر من مقبرة مأمن الله الإسلامية في القدس، إلى جانب أعمال تدنيس وتخريب للعديد من المساجد.
ولا يزال الكيان الصهيوني حتى اليوم يفرض سياسة تهويد مدينة القدس عبر الحفريات تحت المسجد الأقصى، ومنع دخول الفلسطينيين إلى مدينة القدس، والمحاولات المستمرة في دخول باحات المسجد الأقصى والاعتداء على أئمته والمصلين، ومنه الأهالي من الصلاة في المسجد الأقصى.