رمضان فلسطينيو سورية مُثقل بالهموم والأزمات

فايز أبو عيد – مجموعة العمل

يأتي رمضان هذا العام على فلسطينيي سوريا مثقلاً بأزمات وهموم من شتى الصنوف فمن أزمة الحرب والتهجير التي يعيشها اللاجئين طيلة الأعوام العشر الماضية وما رافقها من قتل واعتقال وتدمير إلى أزمة غلاء الأسعار وتدهور الليرة السورية ونهاية بجائحة كورونا، لتصبح حياتهم اشبه بجحيم لا يُطاق مع الأزمات المتراكبة وضيق ذات اليد.

وهنا لا بد من التساؤل: كيف يستقبل اللاجئ الفلسطيني القاطن في سورية شهر رمضان، وما هي المصاعب والمتاعب التي يواجهها جراء غلاء الأسعار وفقر الحال والتشرد من مكان سكنه ليقيم عند أقاربه أو أبناء شعبه في المخيمات الفلسطينية؟

يقول أبو رامي أحد أبناء مخيم اليرموك النازح إلى بلدة قدسيا:” يأتي رمضان هذا العام وقد أُثقلت كواهلنا بأعباء مادية إ كبيرة، نتيجة تردي الوضع الاقتصادي في سورية، وانهيار الليرة أمام الدولار وتفشي فايروس كورونا، مما أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة المنتشرة اصلاً منذ بداية الأزمة في سوريا، منوهاً إلى أن العائلات الفلسطينية في سورية تعيش كارثة إنسانية بمعنى الكلمة، لذلك هي تترك أمر رزقها على الله وتدعوه في هذا الشهر الفضيل أن يفرج همها ويرزقها من حيث لا تحتسب”

أبو مصطفى لاجئ فلسطيني في الثمانين من عمره يقطن في مخيم درعا ترنو عيناه إلى السماء وهو يتكئ على عصاه. تعود به الذاكرة (إلى رمضان أيام البلاد)، فيقول: “كان لصوم رمضان في فلسطين طعم آخر؛ فأنا أذكر كيف كانت القرية برمتها تتبادل التهانئ بقدوم رمضان، وكيف كان أهل القرية يتبادلون الزيارات بعد الفطور وصلاة التراويح. إنها ذكريات جميلة لا يمكن أن تمحى من مخيلتي.

ويردف الحاج أبو مصطفى قائلاً: لكن لرمضان هذا العام نكهة مؤلمة؛ فقد أجبرنا على ترك بيوتنا، وكل ما نملك وغادرنا مخيم درعا مرغمين بفعل تداعيات الأزمة السورية. ويضيف: وكأن التاريخ يعيد نفسه، وكأنه مكتوب على الشعب الفلسطيني أن يظل مشرداً لا يعرف معنى للاستقرار والراحة. ويتساءل أبو مصطفى الذي يعيش الآن في بيت أحد أقاربه في مخيم الحسينية هو وعائلته المكونة من اثني عشر فرداً: إلى متى يظل حال اللاجئ الفلسطيني مرهوناً بالتداعيات السياسية التي تمر بها البلاد العربية؟ أما آنَ لهذا اللاجئ أن يعرف طعم الأمان والاطمئنان، لحين عودته إلى دياره التي أُخرج منها من دون إرادة منه؟

فؤاد شاب فلسطيني من أبناء مخيم النيرب لا يعرف من طقوس رمضان في فلسطين إلا ما سمعه من جده وأبيه، لكنه في الوقت عينه يعلم علم اليقين بأن صوم شهر رمضان على أرض فلسطين له معنى مختلف. ويتمنى فؤاد أن يصوم العام المقبل في قريته وهي محررة هو وكل اللاجئين الفلسطينيين الذين حرموا العودة إلى تراب فلسطين.

أما الحاج أبو توفيق الذي يعيش في مخيم السيدة زينب، والذي يبلغ من العمر (72 عاماً) فيقول: «كنت صغيراً، لكن طقوس رمضان في فلسطين لا تزال في ذاكرتي. أما اليوم، بعد 73 عاماً على اغتصاب فلسطين، وما حل في سورية فإننا في كل رمضان ندعو الله عز وجل أن يعيدنا إلى منازلنا وديارنا في فلسطين.

الحاج أحمد، من أبناء مخيم خان الشيح بريف دمشق، قال: “عندما يأتي رمضان، فإن المشاعر لدي تختلط ما بين السرور والبهجة بقدوم شهر المحبة والمودة والتسامح والبركة، لكن في الوقت نفسه لهذا الشهر في قلبي أشجان، لأنه يذكرني بنكبتي الثانية عند خروجي من مخيم اليرموك وفلسطين وكيف أنني غادرت ترابها ولم أعد إليها حتى الآن. هذا الأمر يجعل في قلبي غصة وأشعر بالألم الشديد.

ويرى أبو مروان، وهو لاجئ فلسطيني من سكان مخيم الوافدين بريف دمشق (45 عاماً)، أن رمضان في أية بقعة من الأرض هو رمضان، لكن الصوم في أرض مهد الرسالات والأنبياء يكون له طعم ومذاق آخر، هي أرض الوطن التي نتطلع للعودة إليها في أقرب وقت ممكن.

للحديث عن شهر رمضان روافد لا تنضب عن المغفرة والتعفف والصفاء والإحسان والصحة، في حين يمضي اللاجئ الفلسطيني السوري أيامه على أمل بأن حاله ستتحسن، وأن الأزمة في سورية ستنجلي، والأمل يراودهم بأن شهر رمضان المقبل سيصلّونه في المسجد الأقصى على أرض فلسطين، وأنهم للعودة أقرب من أي وقت مضى.  

الرابط المختصر: https://fayzaboeed.com/wjcs

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top