فايز أبو عيد – مجموعة العمل
إضافة إلى المشاكل والأزمات الإنسانية والاقتصادية والقانونية والاستشفائية التي تخيم على فلسطينيي سورية في لبنان، إلا أن فيروس متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (كورونا) ضاعفت من معاناتهم ومأساتهم، فالإجراءات الطبية الوقائية التي اتخذتها السلطات اللبنانية والتي قضت بحظر التجوال واغلاق المحال التجارية في بعض المناطق وتعطيل المدارس، خاصة بعد تجاوز عدد المصابين بفيروس كورونا المستجد في لبنان عتبة 120 شخص بناء على الإحصاء الرسمي، تركهم وحيدين في مواجهة ظروف معيشية معقدة.
وكانت أوضاع فلسطينيي سورية في لبنان الإنسانية قد شهدت تدهوراً حاداً في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية والمالية الصعبة التي يمر بها لبنان، إضافة إلى الأوضاع الصحية المستجدّة في لبنان، والهلع السائد من انتشار فيروس “كورونا”، إضافة لشكواهم من حالة التهميش والتجاهل من قبل الأونروا والسلطة والفصائل الفلسطينية لأوضاعهم المعيشية والاقتصادية، وكذلك بسبب هبوط قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأمريكي، وعدم وجود مورد مالي ثابت، وشح المساعدات الإغاثية مما جعل العائلات الفلسطينية السورية عاجزة عن تأمين الحد الأدنى من مدخولها وتوفير قوتها اليومي، وانعكس ذلك على الوضع المعيشي لهم.
من جانبه قال الناشط الإغاثي محمود الشهابي: “إن اللاجئين الفلسطينيين المهجرين من سورية إلى لبنان يعيشون واقعا” إنسانيا” سيئا” وسط انعدام كافة المقومات وغياب تام لأي مؤسسة أو جمعية إغاثية عن تقديم ما يلزم من خدمات يحتاجها المهجرون في مواجهة فيروس الكورونا الذي يهدد الشعوب في المنطقة.
وأضاف الشهابي أننا كنشطاء في تجمع اللجان الأهلية لفلسطينيي سورية في لبنان نعلم الدولة اللبنانية أن اللاجئ غير قادر وعاجز عن تأمين ما يلزم لمكافحة هذا الفايروس من مواد تنظيف وغيرها من المستلزمات، ونطالب أصحاب القرار الفلسطيني ” بالضغط على وكالة الأونروا لتحمل مسؤوليتها في هذا الشق الاغاثي الطبي الطارئ إذ يجب عليها تأمين كل ما يلزم للمهجرين وفي حال انتشر هذا المرض سيكون الخاسر الأكبر هو الدولة اللبنانية
أما الناشط أحمد طعمة وصف وضع العائلات الفلسطينية السورية في لبنان حالياً بالكارثي ولا يحتمل، بسبب الأوضاع التي يمر بها لبنان والعالم، وأن كثيراً من تلك العائلات لا تستطيع حالياً إطعام أبنائها أو معالجتهم أو شراء الخبز والدواء لهم، وهم يعيشون في فقر مدقع لا يحتمل، مؤكداً أن معظم العائلات أصبحت مهددة بالطرد من منازلها والنوم بالعراء هي وأطفالها نتيجة عدم قدرتها على دفع إيجار منزلها.
بدورها اعتبرت المحامية فاطمة عبد العال أن الفلسطيني السوري في لبناني يعيش الأزمة تلو الأزمة فاذا كانت حالته صعبة جداً في السنوات الماضية فكيف والحال اليوم مع تفشي فيروس كورونا، الذي انعدمت معه كل سبل العيش حتى الاجتماعي منه، محملة المسؤولية للأونروا والفصائل والسلطة الفلسطينية التي تخلت عن مسؤولياتها تجاه الفلسطيني السوري في لبنان، واكتفت بالتنظير وألقاء الخطب والمحاضرات ورمي المسؤولية على بعضها، متسائلة أوليس الأجدر بكل من يحاضر فينا عن الوقاية والنظافة والتعقيم والمناعة والطعام الصحي أن يعرف أنه إذا لم يكن بالإمكان اشباع بطون صغيرة، فكيف نمنح هذه البطون المناعة المطلوبة لنحصن جسده الضعيف وأجسادنا من كورونا قاتلة لا تعرف حداً لتفشيها.
في حين دعا الناشط رامي منصور وكالة الأونروا ومنظمة التحرير والفصائل الفلسطينية وجميع المؤسسات الإغاثية اتخاذ خطوات إغاثية عاجلة للتعامل مع مخرجات الأزمة الحالية على كافة الصعد والمستويات، بما يرقى بالمستوى المعيشي والصحي للاجئين وكذلك وضع الخطط اللازمة للتعامل مع هذه الجائحة الدولية.
ورأت المعلمة والناشطة الاجتماعية نبيلة حسن أن فيروس كورونا أضاف أزمة جديدة إلى سلة معاناة اللاجئ الفلسطيني السوري في لبنان، موضحة أن تأجيل الأونروا صرفها لمساعدتها المالية إلى أجل غير مسمى، فاقم من مأساة الفلسطيني السوري، هذا ناهيك عن غلاء الأسعار وتوقف الأشغال، علاوة عن توقف المدارس وإرسال الدروس عبر تطبيق الواتس أب، متسائلة كيف لمن لا يملك قوت يومه أن يشترك بالإنترنت ويتواصل مع المدرسين ليواصل ابنه التعليم عن بعد؟
وشددت على أن ما زاد الطين بلّة تصاريح مستشارة رئيس الحكومة اللبنانية بعدم معالجة أي فلسطيني في حال اصابته بفيروس كورونا والقيام عوضاَ عن ذلك بعزل المخيمات بشكل كامل، منوهة إلى أن الفلسطيني السوري في لبنان بات اليوم على يقين تام بأن لا معاناة ولا ألم في هذه الدنيا يعادل ما يشعر به.
وكانت وكالة (الأونروا) أعلنت في تقريرها التي أصدرته تحت عنوان “النداء الطارئ لسنة 2020 بشأن أزمة سوريا الإقليمية”، ووفقاً لقاعدة بياناتها، أن حوالي 95% من اللاجئين الفلسطينيين السوريين في لبنان يفتقرون للأمن الغذائي، وهم بالتالي في حاجـة ماسة للمسـاعدات الإنسـانية المستمرة، كما أشارت الأونروا في ذات التقرير إلى أن 89 % من اللاجئين الفلسطينيين من سوريا في لبنان يعيشون تحت خط الفقر، منوهة إلى أن أكثر من 80 %من اللاجئين الفلسطينيين السوريين في لبنان يعتمدون على المساعدات النقدية التي تقدمها الأونروا باعتبارها المصدر الرئيسي للدخل.
وتشير احصائيات الأونروا إلى أن عدد اللاجئين الفلسطينيين السوريين في لبنان بلغ 27,700 لاجئ فلسطيني مهجر من سوريا إلى لبنان حتى نهاية شباط/فبراير 2020، أي ما يعادل (7800 أسرة)، ويتوزع اللاجئون على المناطق الخمس في المدن اللبنانية بنسب متفاوتة، ويعيشون في بيوت مستأجرة بمعدل وسطي لأجرة المنزل داخل المخيمات (200) $ و(400) $ خارجها.