فايز أبو عيد

يقع مخيم حندرات للاجئين الفلسطينيين شمال مدينة حلب في موقع جغرافي يجعله عرضة لتحديات أمنية ومعاناة مستمرة، يدفع سكان المخيم ثمن بعده عن مركز المدينة، ووقوعه خلف دوار الجندول (العويجة)، حيث ترصد مقاتلو “قسد” المنطقة عبر قناصيهم.

وعلى الجانب الآخر، عند منطقة فيفين (عقب سجن حلب المركزي القديم)، يتمركز مقاتلون لا يعترفون بالسلطة الجديدة في دمشق، مما وضع المخيم بين كماشة التوتر الأمني والفوضى.

في ظل غياب أي تمثيل رسمي للفصائل الفلسطينية أو “الهيئة”، أصبح المخيم فريسة سهلة للعصابات المسلحة التي تستغل الفراغ الأمني، هؤلاء المسلحين، الذين يتسترون بلباس الأمن العام ووضع اللثام، ينفذون عمليات السرقة دون حسيب أو رقيب، مستغلين ضعف الرقابة وغياب القانون.

ففي حادثة صادمة تعكس واقع الفوضى في المخيم، قامت مجموعة مسلحة بالدخول إلى مدرسة “الزيب” التابعة لوكالة الأونروا، زاعمة أنها من قوات الأمن العام، وبشكل مريب، طلبت المجموعة من موظفي الأونروا (الطبي والتعليمي) دخول المنشأة التعليمية، ثم قامت بسرقة شاحنة نقل الأتربة (قلاب) نوع “مرسيدس” أمام أعين العمال وموظفي الأونروا وتلاميذ المدرسة الذين كانوا في طريقهم للانصراف.

حاول أحد العمال، استفسار المسلحين عن هويتهم ومن يمثلون، لكنه تعرض للإهانة والاحتجاز بطريقة مشابهة لتصرفات “شبيحة النظام” السابقين، وبعد جدال استمر لخمس دقائق، أطلقوا سراحه بعد أن أكد لهم أن الشاحنة مملوكة لأحد العاملين ولها أوراق ثبوتية وأن صاحبها يعمل في منطقة الراموسة، ومع ذلك، اقتادوا الشاحنة إلى جهة مجهولة.

هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، لكنها تعكس بوضوح خطورة الوضع الأمني في مخيم حندرات، إذ يبدو أن المخيم قد أصبح ساحة لعصابات مسلحة تستغل غياب الجهات المسؤولة لتنفيذ عملياتها الإجرامية، والأدهى أن هذه العمليات تجري علناً، على مرأى ومسمع الجميع، دون أي تحرك لوقف هذا النزيف المستمر.

وأفاد شاهد عيان من مخيم حندرات أن نفس العصابة قامت بسرقة مولدة حندرات الكبيرة وذلك باستقدام رافعة وذلك بنفس توقيت سرقة الشاحنة

من يتحمل مسؤولية حماية أهالي مخيم حندرات؟ وهل ستتحرك الجهات المعنية لإنهاء هذه الفوضى الأمنية؟ أم أن المخيم سيظل رهينة لصراعات القوى المتصارعة وعصابات السرقة؟

في ظل غياب الحلول، يبقى سكان المخيم عالقين بين نيران الأطراف المتنازعة، وضحايا لواقع مرير يهدد حياتهم وأرزاقهم يومياً.

الرابط المختصر: https://fayzaboeed.com/zgkj

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top