قصة طارق… مأساة لاجئ فلسطيني سوريتجرّع الحنظل وذاق مرارات العذاب والضنك والشقا

فايز أبوعيد – بيروت

03/08/2013

يكاد اليأس يستولي على طارق محمود عزيمة (29 عاماً). فالشاب فلسطيني سوري عالق في دولة لا يعرف لغتها ولا يستطيع العثور على عمل فيها العزيمة متخرّج اختصاص أدب عربي، كان يعمل محاسباً في شركة طباعة في منطقة عدرا بدمشق وهو من سكان حيّ التقدم في مخيم اليرموك. بدأت مأساة طارق مع تدهور الوضع الأمني في منطقته، فاضطر هو وعائلته بتاريخ 12/12/2012 للجوء إلى منزل بيت جده داخل مخيم اليرموك. أما في 17/12/2012، يوم النكبة الجديدة لأهالي اليرموك، فقد أُجبر مع عشرات الآلاف على مغادرة المخيم في رحلة تيه جديدة. حينها، لجأ أهله إلى لبنان، وبقي هو في دمشق لظروف عمله، فكان ينام في الشركة لأنها ملاذه الوحيد. لكن الحال لم يبقَ على ما هو عليه؛ فبعد فترة وجيزة توترت الأوضاع بعدار، فأغلقت الشركة أبوابها، وهنا خسر المأوى الذي كان يحتضنه ومصدر رزقه الوحيد الذي كان يَعول به عائلته الموجودة في لبنان. وعندها قرر الالتحاق بأهله، وكان اليأس قد وصل أوجه عنده، فكان يتمنى الموت لأنه على حد قوله “خسر كل شيء”. وبسبب فقر الحال وغلاء المعيشة في لبنان، فكر في السفر إلى أيّ بلد آخركي يبدأ حياته من جديد ويستطيع إعالة أهله. وهنا انطلق العزيمة في رحلته الدراماتيكية الشاقة التي حملته إلى تايلاند، نظراً إلى سهولة الحصول على التأشيرة إليها.

يروي العزيمة وعلامات الحزن الشديد بادية على محيّاه كيف اضطرت أمه إلى بيع مصاغها الذهبي الذي كانت تحتفظ به لتخطب له وتفرح به من أجل تأمين تكاليف سفره، ويضيف: “عندما حققت حلمي بالسفر ووصلت إلى تايلاند في 19/3/2013، تبددت أحلامي بسبب غلاء المعيشة فيها وعدم وجود مصدر دخل لي”، وأضاف: “لكن الصدمة الكبرى كانت بالنسبة إليّ هي أنّ إقامتي في هذا البلد يجب أن لا تتجاوز شهرين، وبعدها عليّ المغادرة إلى بلد آخر كي أستطيع تجديد إقامتي فيها. ونظراً إلى افتقاري إلى المال، لم أستطع مغادرتها، وأنا الآن أعيش فيهادون إقامة”.

طارق عزيمة الذي لجأ إلى مكتب المفوضية UNHER في 20/3/2013 وقابل المسؤولين وشرح لهم وضعه، كان يمنّي النفس بأن يحصل على بعض المساعدات منها، ولكنه لم يلق آذاناً صاغية منهم، بل اكتفوا بإعطائه موعداً لمقابلته بعد أربعة أو خمسةأشهر، وكان كلما اتصل ليخبرهم أنه عاطل من العمل، وأن إقامته قد انتهت ومن الممكن أن يسجن إذا ما اكتشف البوليس أمره، يكون ردّهم:”عليك بالصبر”.

هنا لم يستطع العزيمة كبح جماح غضبه، فقال:”أي صبر أصبره؟ لقدتحطمت أحلامي، وخسرت الكثير الكثير. لقد ولدت لاجئاً ابن لاجئ ابن لاجئ، والآن أنا لاجئ من جديد في بلد لا أعرف أحداً فيه، في بلد كسر ظهري وخسرت عائلتي.هنا لا أملك ثمن تذكرة الطائرة لكي أعود بها إلى سورية، كذلك فإنني أتجنب الخروج إلى الشارع خوفاً من اعتقالي من قبل رجال البوليس بسبب انتهاء إقامتي، وإذا ما حدث ذلك،فسأُسجَن وأُغرَّم بـ 700 دولار وثمن تذكرة العودة إلى سورية.

مشكلة العزيمة الذي ناشد عبر مجموعة العمل منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة والأونروا ومنظمة التحرير والفصائل الفلسطينية النظر بوضعه ليست بالمشكلة الأولى. إنها مشكلة الكثير من اللاجئين الفلسطينيين السوريين، الذين أُجبروا على ترك سورية وهاموا في أصقاع الأرض بحثاً عن ملجأ آمن. إنها مأساة حقيقية مؤلمة يعيشهاالشعب الفلسطيني منذ نكبته عام 1948 عموماً، واللاجئ الفلسطيني السوري الذي عاش نكبة ثانية بسبب ما يحدث في أرض الفيحاء، وهنا تقع المسؤولية الكبرىعلى الجميع من مؤسسات عمل مدني ومنظمات حقوق إنسان والأمم المتحدة وغيرهالحل مشكلة اللاجئ الفلسطيني، وتخفيف وطأة معاناته وما يتعرض له من مشكلاتلا حصر لها بإعادته إلى وطنه فلسطين.

الرابط المختصر: https://fayzaboeed.com/d43b

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top