مخيم اليرموك في ذكرى نكبته الرابعة مُستباح وسكانه ينشدون الخلاص

فايز أبو عيد

الإثنين 19 كانون الأول 2016

مضت أربع سنوات على نكبة مخيم اليرموك الذي استبيح خلال تلك الفترة من كافة الجهات المتصارعة في سورية، مخيم اليرموك احترق بنار الحرب الدائرة في سورية نتيجة تخلي القيادات الفلسطينية عنه وعن سكانه الذين اضطروا للنزوح عنه ويعيشون الآن مأساة جديدة جراء عدم توفر الغذاء والدواء والماء في المخيم.

بدأت مأساة مخيم اليرموك بالظهور منذ عام 2012 عندما زج به عنوة في أتون الصراع الدائر في سورية، وذلك لموقعه الجغرافي الهام، فهو يعتبر مدخل دمشق والمنطقة الأكثر أهمية من حيث الموقع والمساحة استراتيجياً بالنسبة لقوى المعارضة السورية، فهو أكبرها مساحة وأقربها إلى المراكز الحيوية في العاصمة دمشق، ويمتدّ بين حي التضامن شرقاَ وحي الميدان جنوباَ وشارع الثلاثين غرباَ والحجر الأسود شمالاَ، من هنا بدأت مأساة مخيم اليرموك، حيث تعرض في بداية الأحداث في سورية لوابل من القذائف التي عرضت سكانه لخطر الموت، وكانت الفاجعة الأكبر حينها عندما قصف شارع الجاعونة يوم 2/ أغسطس/ 2012 وأدى ذلك إلى حدوث مجزرة في الشارع راح ضحيتها أكثر من 20 لاجئاً فلسطينياً، وتتالى بعد ذلك سقوط الشهداء من أبناء اليرموك حتى جاءت الطامة الكبرى وهي قصف النظام السوري يوم 16/12/2012 جامع عبد القادر الحسيني ومدرسة الفالوجة بالطيران الحربي، مما أسفر عن سقوط أكثر من 200 شهيد وجريح، على آثرها لملم أبناء اليرموك حقائبهم على عجل ونزحوا بشكل جماعي من مخيمهم ليعيشوا رحلة تيه أخرى.

80% من أبناء مخيم اليرموك غادروه إلا أن 20 ألف لاجئ فضلوا عدم مغادرته والصمود فيه كي لا تتجدد نكبتهم مرة ثانية، فالمخيم عندهم رمز للصمود وعنوان لحق العودة إلى وطنهم فلسطين، إلا أن النظام السوري والفصائل الفلسطينية الموالية له كان لها كلمة أخرى عندما فرضت على مخيم اليرموك حصاراً جزئياً يوم 18/12/2013، ومن ثم حصاراً تاماً يوم 18/7/2014، حينها ذاق أهالي مخيم اليرموك أقسى أنواع العذاب الإنساني نتيجة عدم توفر أبسط مقومات الحياة الإنسانية في المخيم، مما اضطرهم لأكل النباتات السامة وذبح القطط والكلاب من أجل البقاء على قيد الحياة، كما أن هذا الحصار الجائر إلى حتى لحظة كتابة هذا المقال إلى سقوط 187 شهيداً نتيجة الحصار ونقص الرعاية الطبية، لم تتوقف محنة أهالي اليرموك عند حد منع إدخال الدواء والطعام إليه وإنما عمد النظام ا إلى قطع المياه عن سكانه بشكل كامل يوم 8/9/2014، وكذلك الكهرباء والاتصالات.

داعش والنصرة زادا من مأساة اليرموك

يعاني من تبقى من سكان اليرموك حالة من عدم الإستقرار الأمني، نتيجة اقتحام تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” للمخيم وسيطرته عليه يوم 1/ 4/ 2015، مما فاقم من معاناتهم وأجبر 14 ألف لاجئاً من أصل 20 ألفاً على مغادرته إلى المناطق والبلدات المتاخمة للمخيم، ولم يبقى سوى 600 آلاف في المخيم الذي كان يبلغ عدد سكانه قبل إندلاع الحرب في سورية حوالي 220 ألف لاجئ فلسطيني، وبعد عام تماماً أي في 7 نيسان– ابريل/ 2016 اندلعت اشتباكات عنيفة بين جبهة النصرة وتنظيم الدولة وذلك في محاولة للأخير لفرض سيطرته على كامل تراب المخيم، ما سبب بانخفاض أعداد اللاجئين الفلسطينين داخل المخيم من 6 آلاف شخص إلى 3 آلاف لاجئاً.

كما فرض تنظيم “داعش” حصار كامل على سكان شارع عين غزال ومنع إدخال الطعام والأدوية إلى الأهالي الذين باتوا يعيشون في ظل حصارين، حصار النظام وحصار داعش، مما فاقم من معاناتهم وأوضاعهم الإنسانية والمعيشية.

وما بين الحصار والاشتباكات والموت جوعاً والتقصير الرسمي من الفصائل ومنظمة التحرير الفلسطيني وجامعة الدول العربية والمجتمع الدولي، ناشد المتبقون من سكان اليرموك داخله وخارجه جميع الجهات المعنية والأطراف المتصارعة والأمم المتحدة من أجل عودتهم إلى بيوتهم وتخليصهم من مأساتهم المستمرة التي لا زال يتجرعون مراراتها حتى اليوم، لأنهم الضحية الأولى لهذه الحرب.

الرابط المختصر: https://fayzaboeed.com/t9w8

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top