فايز ابو عيد
على وقع الأهازيج الفلسطينية وزغاريد النساء خرج ما يقارب مئة ألف من الفلسطينيين والسوريين في مخيم اليرموك بشيبهم وشبابهم وأطفالهم لاستقبال جثامين الشهداء الثلاثة: عبيدة محمد عوض زغموت، والشهيد قيس سليمان أبو الهيجاء، والشهيد بشار الشهابي، الذين سقطوا أمس برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي أثناء مواجهات مسيرة العودة في الذكرى 63 للنكبة في موقع عين التينة ومجدل شمس.
هذا وردد المشيعون الغاضبون الذين رفعوا الأعلام الفلسطينية هتافات تحيي شجاعة الشهداء، وتدعو للانتقام من الاحتلال الصهيوني وتؤكد على تمسكهم بالعودة إلى ديارهم التي اغتصبها الكيان الصهيوني منهم إبان ذكرى النكبة، مشددين على أن حلم العودة بات حقيقة وأن عودتهم باتت أقرب من أي وقت مضى.
موكب التشييع انطلق من أمام مسجد الوسيم بعد صلاة عصر يوم الاثنين 16 أيار (مايو) 2011م، حيث حملت النعوش الثلاثة على الأكف على وقع أهازيج الثورة الفلسطينية وزغاريد الأمهات، ورش الأرز على الجثامين، ووسط الهتافات الوطنية (بالروح بالدم نفديك يا شهيد – حق العودة دين علينا – الشعب يريد تحرير فلسطين – على القدس رايحين شهداء بالملايين – وحدة وحدة وطنية) حتى وصل إلى مقبرة الشهداء في مخيم اليرموك.
والدة الشهيد قيس أبو الهيجاء ورغم ألمها وحزنها حمدت الله على استشهاد ابنها، وتمنت الشهادة لها ولجميع أبنائها في سبيل فلسطين، أما الدكتور طارق زغموت شقيق الشهيد عبيدة فقد قال: “الحمد لله الذي شرفنا باستشهاد عبيدة، فقبل يوم ودع والدته وقال لها أنني متمني الشهادة على أرض فلسطين” ويضيف: “لقد جاء عبيدة من الإمارات العربية للمشاركة بمسيرة العودة، وأننا نفخر بأنه من أوائل شهداء العودة الذين عمدوا بدمائهم الزكية الطاهرة أرض الجولان، ونفخر كذلك بهؤلاء الشباب الذين استطاعوا أن يحققوا حلم العودة ويحرروا أرض مجدل شمس لمدة ثلاث ساعات في الوقت الذي لم يستطع أحد فعل ذلك“.
وأكد محمد ياسر عيسى أحد الشبان الذين دخلوا إلى أراضي مجدل شمس واشتبكوا مع قوات العدو الصهيوني على أن النصر قادم لا محالة وسنعود قريباً إلى فلسطين، وأضاف: “لن نطيق صبراً ولن ننتظر الأجيال القادمة لتحرر لنا فلسطين، بل سيكون التحرير على أيدينا إن شاء الله، فنحن جيل قد عقد العزم على الشهادة أو تحرير فلسطين”. أما آمنة سعيد بيطاري وهي أم لثلاثة شهداء فقالت: “إن لدي ثلاثة شبان غير الذين استشهدوا وأنا مستعدة لتقديمهم قرابين وشهداء في سبيل تحرير فلسطين والعودة إليها“.
ومن جهته اعتبر محمد شطارة رئيس لجنة تجمع واجب في حمص أن دماء هؤلاء الشهداء الذين حملوا أرواحهم على أكفهم من أجل فلسطين ما هو إلا استفتاء شعبي في الداخل والخارج، وأنها الرسالة التي أبرقها اللاجئون الفلسطينيون إلى كل العالم بأطيافه وألوانه، وأكد شطارة أن مسيرة العودة إلى فلسطين في الذكرى السنوية الثالثة والستين للنكبة عكست خيارنا كلاجئين بأننا نرفض التوطين و التهجير وأنه لا بديل عن حق العودة إلى الممتلكات والديار التي هجرنا منها، وأن طاقاتنا وإمكانياتنا الكامنة لن نستعملها إلا ضد العدو الصهيوني، وأردف، ليعلم العدو الصهيوني إذا مات الكبار سنتمسك نحن الصغار أكثر و أكثر باسترداد إرثنا وميراثنا المسلوب، وأنه كلما طال الزمن سيدفع العدو الثمن أكبر.
هذا وقد شارك في التشييع عدد كبير من القادة الفلسطينيين والشخصيات الرسمية الاعتبارية، وأقيم للشهداء الثلاثة بيت تهنئة مشترك في ساحة مسجد الوسيم في مخيم اليرموك.