فايز أبو عيد – لاجئ نت
غيب الموت “بشار إبراهيم” في الذكرى 41 ليوم الأرض الفلسطيني، فبكتهُ مدن الغربة قبل أن تبكيه المخيمات، التي خرج منها إلى بلاد المنفى، وهو يتحسس عذاباته وهواجسه وأمنياته في العودة إلى أرض فلسطين.
رحل بشار إبراهيم الناقد السينمائي والإعلامي الفلسطيني السوري الذي ولد في الثالث من أغسطس 1962 في مخيم دنون، أحد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في ريف دمشق بجسده يوم 30 – آذار / مارس 2017 عن عمر ناهز 54 عاماً، بعد صراع مع المرض في دولة الإمارات العربية المتحدة التي كان يعيش على أرضها، إلا أن روحه بقيت تهيم في محراب عشقها ورائحة ترابها، فكانت لأعماله وكتاباته نكهة ومتعة خاصة، يعزف من خلالها على أوتار التاريخ والتراث والثقافة والتمسك بالجذور والهوية من خلال نبش الذاكرة المنسية وتقديمها بطريقة دراماتيكية مؤثرة تبقى في الذاكرة كالجمرات التي يشعلها ضوء الوعي.
إن الكتابة عن “بشار إبراهيم” كما عبر أحد الإعلاميين الفلسطينيين ليست بالمهمة السهلة، لأن بشار من أولئك الذين صهروا اللغة وزينوها بالغناء الفلسطيني ، وكخيول الصباح أطلق جدائل الصهيل للأرض لتستعيد صباحات الغربة والاقتلاع .
فلسطين عند بشار ذاكالفتى الأسمر لا تقبل القسمة لأنها الحاضر الأبدي في قلبه وأحلامه، ورغم أمنيته التي لم تتحقق بأن ينتج فيلماً عن فلسطين يعكس حضور شعبها العظيم، إلا أنه حقق المعادلة الأصعب للاجئ فلسطين حيث كان يرفع اسمها في كل مشاركاته وانتاجاته.
يعتبر الراحل بشار إبراهيم الذي بدأ رحلته الإبداعية ككاتب قصة قصيرة، ثم انتقل إلى النقد السينمائي. في 1995، من أبرز النقّاد والموثّقين العرب الذين ساهموا إلى حد كبير في أرشفة نتاجات السينما الفلسطينية في الداخل والخارج وتواجدها في الأفلام العربية والأجنبية. حيث كان له العديد من الكتب والإصدارات الهامة بهذا المجال منها: “السينما الفلسطينية في القرن العشرين”، “سلسلة الفن السابع – وزارة الثقافة، دمشق، 2001)، “ثلاث علامات في السينما الفلسطينية الجديدة (ميشيل خليفي، رشيد مشهراوي، إيليا سليمان (دار المدى للثقافة، دمشق، 2004)، “فلسطين في السينما العربية” (سلسلة الفن السابع – وزارة الثقافة، دمشق، 2005)، تولى الراحل رئاسة تحرير النشرة اليومية لمهرجان دبي السينمائي الدولي، كما أشرف على إنتاج الأفلام والبرامج والدراما في قناة الشروق بمدينة دبي للإعلام من 2007 إلى 2012، وساهم في تأسيس مجلة سينماتوغراف المتخصصة في الثقافة السينمائية بدولة الإمارات، وعمل محررا تنفيذيا في صحيفة الحياة اللندنية.
كما شارك في لجان تحكيم مهرجانات سينمائية دولية في سوريا ومصر والجزائر وسلطنة عمان والإمارات، وكتب بشكل دائم متابعاته ونقده للأفلام والمهرجانات في عدد من المواقع والصحف من بنيها الجزيرة الوثائقية.
غادر بشار ابراهيم ابن مخيم دنون في ريف دمشق الجنوبي، وابن الخالصة الواقعة شمال فلسطين في منطقة أصبع الجليل، دنيا الوجود لكنه سيبقى حياً في ذاكرة أحبابه وأصدقائه، وفي ذاكرة الثقافة الوطنية الفلسطينية، وفي الذاكرة الجمعية لشعبه.