فايز أبوعيد – مجموعة العمل
مخيم اليرموك يستباح من كافة الجهات المتصارعة في سورية، مخيم اليرموك يحترق نتيجة تخلي القيادات الفلسطينية عنه وعن سكانه الذين اضطروا للنزوح عنه ويعيشون الآن مأساة جديدة جراء عدم توفر الغذاء والدواء والماء في المخيم.
بدأت مأساة مخيم اليرموك بالظهور منذ عام 2012 عندما زج به عنوة في أتون الصراع الدائر في سورية، وذلك لموقعه الجغرافي الهام، فهو يعتبر مدخل دمشق والمنطقة الأكثر أهمية من حيث الموقع والمساحة استراتيجياً بالنسبة لقوى المعارضة السورية، فهو أكبرها مساحة وأقربها إلى المراكز الحيوية في العاصمة دمشق، ويمتدّ بين حي التضامن شرقاَ وحي الميدان جنوباَ وشارع الثلاثين غرباَ والحجر الأسود شمالاَ، من هنا بدأت مأساة مخيم اليرموك، حيث تعرض في بداية الأحداث في سورية لوابل من القذائف التي عرضت سكانه لخطر الموت، وكانت الفاجعة الأكبر حينها عندما قصف شارع الجاعونة يوم 3/ أغسطس/ 2012 وأدى ذلك إلى حدوث مجزرة في الشارع راح ضحيتها أكثر من 20 لاجئاً فلسطينياً، وتتالى بعد ذلك سقوط الشهداء من أبناء اليرموك حتى جاءت الطامة الكبرى وهي قصف النظام السوري يوم 16/12/2012 جامع عبد القادر الحسيني ومدرسة الفالوجة بالطيران الحربي، مما أسفر عن سقوط أكثر من 200 شهيد وجريح، في وقتها لملم أبناء اليرموك حقائبهم على عجل ونزحوا بشكل جماعي من مخيمهم ليعيشوا رحلة تيه أخرى.
80% من أبناء مخيم اليرموك غادروه إلا أن 20 ألف لاجئ فضلوا عدم مغادرته والصمود فيه كي لا تتجدد نكبة مرة ثانية، فالمخيم عندهم رمز للصمود وعنوان لحق العودة إلى وطنهم فلسطين، إلا أن النظام السوري والفصائل الفلسطينية الموالية له كان لها كلمة أخرى عندما فرضت على مخيم اليرموك حصاراً جزئياً يوم 18/12/2013، ومن ثم حصاراً تاماً يوم 18/7/2014، حينها ذاق أهالي مخيم اليرموك أقسى أنواع العذاب الإنساني نتيجة عدم توفر أبسط مقومات الحياة الإنسانية في المخيم، مما اضطرهم لأكل النباتات السامة وذبح القطط والكلاب من أجل البقاء على قيد الحياة، كما أن هذا الحصار الجائر إلى حتى لحظة كتابة هذا المقال إلى سقوط 186 شهيداً نتيجة الحصار ونقص الرعاية الطبية، لم تتوقف محنة أهالي اليرموك عند حد منع إدخال الدواء والطعام إليه وإنما عمد النظام السوري إلى قطع المياه عن سكانه بشكل كامل يوم 8/9/2014، وكذلك الكهرباء والاتصالات.
داعش زاد من مأساة اليرموك
رغم الحصار الذي فرض على مخيم اليرموك إلا أن من تبقى من سكانه كانوا يعيشون حالة من الاستقرار الأمني، نتيجة سيطرة مجموعات فلسطينية محسوبة على المعارضة السورية عليه، إلا أن اقتحام تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” لمخيم اليرموك وسيطرته عليه يوم 1/ 4/ 2015، فاقم من معاناتهم بسبب الجرائم التي ارتكبها بحق أهالي المخيم، مما أجبر 14 ألف لاجئاً من أصل 20 ألفاً على مغادرته إلى المناطق والبلدات المتاخمة للمخيم، ولم يبقى سوى 6 آلاف في المخيم الذي كان يبلغ عدد سكانه قبل اندلاع الحرب في سورية حوالي 220 ألف لاجئ فلسطيني، وبعد عام تماماً أي في 7/ نيسان – ابريل/ 2016 اندلعت اشتباكات عنيفة بين جبهة النصرة وتنظيم الدولة وذلك في محاولة للأخير لفرض سيطرته على كامل تراب المخيم.
وما بين الحصار والاشتباكات والموت جوعاً والتقصير الرسمي من الفصائل ومنظمة التحرير الفلسطيني وجامعة الدول العربية والمجتمع الدولي، لا يزال الضحية الأولى لهذه الحرب هم أبناء اليرموك الذين تشردوا من بيوتهم وماتوا قصفاً وقنصاً وتعذيباً وغرقاً وتشردوا في أصقاع العالم الأربعة.