فايز أبو عيد
السبت 19 نيسان 2014
رغم الجهود الحثيثة التي تبذلها وكالة غوث وتشغيل الفلسطينيين (الأونروا) مؤخراً في تقديم المساعدات الغذائية لأهالي مخيم اليرموك، إلا أنها منذ بدء الأزمة السورية نأت بنفسها عن إصدار أي موقف يطالب بحماية فلسطينيي سورية، حيث انحصر دورها في إصدار البيانات والتنديد والشجب، حالها حال جامعة الدول العربية والدول الأوربية.
ومع تصاعد المخاوف من جرّ اللاجئين الفلسطينيين للتورط في الأزمة السورية، ناشد المفوض العام لوكالة «الأونروا» فيليبو غراندي اللاجئين الفلسطينيين في سورية «البقاء على الحياد خلال الأزمة». وأوضح غراندي في مؤتمر صحافي- عقده في التاسع من آذار (مارس)- أنه «من المهم جداً الحفاظ على حياد اللاجئين الفلسطينيين في سورية، بحيث تستمر تلبية احتياجاتهم»، مشدداً على «أهمية مواصلة التركيز على محنتهم الإنسانية».
أما في أحداث مخيم الرمل في اللاذقية فقد أصدرت «الأونروا» يوم 15/8/2011 بياناً أعربت فيه، عن قلقها الشديد بعد ورود تقارير عن إطلاق قوات الأمن السورية النار على مخيم للاجئين الفلسطينيين في مدينة اللاذقية، ما أسفر عن سقوط عدد من القتلى والجرحى من سكانه. كما أدانت استخدام العنف ضد المدنيين، ودعت السلطات السورية إلى إصدار أوامر لقواتها الأمنية لتظهر أعلى درجة من ضبط النفس بما يتماشى مع القانون الدولي وضمان عدم إلحاق الأذى بكل المدنيين بما في ذلك الفلسطينيون».
وفي مخيم درعا اعتبرت إن للصراع في سورية أثاراً مدمرة على حياة اللاجئين الفلسطينيين، بعد تعرض مخيم فلسطيني في جنوب سورية إلى القصف وأضافت الوكالة أن مخيم درعا (جنوب سورية) تأثر بشكل مباشر من الصراع الذي جرى في سورية، ما خلف دماراً كبيراً في منازل المخيم والبنى التحتية، كما دعا مدير شؤون الأونروا في سورية مايكل كينغزلي نييناه إلى وقف الاقتتال في المخيم. كذلك علقت الأونروا عدداً من خدماتها وخففتها في عدد من المناطق في أرجاء البلاد.
يشار أن الأونروا في درعا والمناطق المجاورة تقدم الخدمات لما يقارب من 30 ألف لاجئ فلسطيني في درعا والمناطق المحيطة بها. كما تقوم بتشغيل وإدارة إحدى عشرة مدرسة وعيادتين صحيتين ومركزين لخدمة المجتمع المحلي ومركز شبيبة واحد. ولا تتوافر لدى الأونروا سوى معلومات قليلة عن ظروف موظفيها أو اللاجئين في درعا. وقد أعربت الأونروا عن استهجانها لاستهداف مدرسة ترعان التابعة للأونروا في بلدة المزيريب بدرعا وألحق الإصابة بأربعين طالب، وعدّت ذلك انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي، وطالبت أن «تنفذ أطراف النزاع في سورية التزاماتها المنصوص عليها بموجب القانون الدولي وبأن تمتنع عن الخوض في نزاعها في مناطق المدنيين»، مشيرة إلى أن «أطراف النزاع مسؤولون عن ضمان حماية المدارس والمستشفيات والمنشآت التابعة للأمم المتحدة من أية هجمات واعتداءات أخرى.
كذلك استنكر المفوض العام للأونروا مقتل 18 شخصاً، يوم 18/2/2014 جراء القصف بالبراميل المتفجرة على مدرسة زيتون التابعة للأونروا في المزيريب التي تقع على بعد 11 كيلومتراً من مدينة درعا في جنوب سورية. وقد أصيب ما لا يقل عن 20 شخصاً في الانفجار، بمن في ذلك موظفان يعملان لدى الوكالة وثمانية أطفال من المدرسة، اثنان منهم فقدوا أطرافهم.
إلى ذلك أعلنت الأونروا على لسان فيليبو غراندي مفوض عام الأونروا أن سبعة مخيمات من أصل اثني عشر مخيماً في سورية قد أصبحت «ساحات حرب وليس بمقدور الأونروا في غالب الأوقات الوصول إليها، وقد أصبحت عمليات القتل والاختطاف والفقر والتدمير والخوف جزءاً من الحياة اليومية هناك». وأضاف غراندي بأنه من المعتقد بأن أكثر من نصف اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى الأونروا في سورية والذين يبلغ عددهم 530,000 لاجئ قد أصبحوا مشردين؛ وأن 15% من إجمالي اللاجئين كافة قد فروا خارج البلاد، بما في ذلك أكثر من 60,000 لاجئ فروا إلى لبنان المثقل أصلاً، والذي يستضيف بالفعل مئات آلاف السوريين، إضافة إلى ما يزيد عن 7,000 لاجئ فروا إلى الأردن».
أما بالنسبة لموقف الأونروا تجاه مخيم اليرموك، فلم يكن بأحسن حال من موقفها من بقية المخيمات الفلسطينية، رغم الجهود التي بذلتها في الآونة الأخيرة لإدخال المساعدات الغذائية إليه، فمنذ التاسع والعشرين من أب 2013 عانى سكان اليرموك من الصراع المسلح الدائر داخل الأحياء الملاصقة له. وتعرضت مدارس الأونروا ومنشآتها للقصف واكتفت الأونروا بإصدار البيانات المنددة والتي تعبر عن قلقها نتيجة تدهور الأوضاع في اليرموك. وفي يوم 28/7/2013 أعربت الأونروا عن قلقها من حجم المخاطر التي يشهدها اللاجئون الفلسطينيون في سورية. وأفادت أن «مخيم اليرموك ما يزال يحتل مركز قلق كبير لديها، بعدما وصلت حدة النزاع المسلح فيه مستويات غير مسبوقة».
لم تستطع الأونروا خلال الحصار الذي فرض على مخيم اليرموك لأكثر من سبعة أشهر تقديم الحماية وإدخال المساعدات الغذائية إليه، ولكنها نجحت يوم 21/1/2014 بإدخال 3709 طرود من المواد الغذائية إلى اليرموك، وفي يوم 24/1/2014 دعا كريس غانيس، المتحدث باسم الأونروا جميع الأطراف السورية المشاركة في مؤتمر «جنيف 2»، إلى تسهيل وصول المساعدات الإنسانية للاجئين للفلسطينيين المحاصرين في مخيم اليرموك، الذي يصعب الدخول إليها بسبب القتال الدائر»، واصفاً عملية تقديم المساعدات بـ «البطيئة بشكل مؤلم». وأكد بيان للأونروا أن «هذه المساعدة غير كافية وما هي إلا نقطة في بحر، وأن الأونروا ما زالت تطالب بضمان الوصول الآمن والمستمر للمساعدات الإنسانية الطارئة للاجئين الفلسطينيين والسوريين المحاصرين في مخيم اليرموك»، مشيرة إلى وجود ثمانية عشر ألف لاجئ فلسطيني في مخيم اليرموك، وهذا يشكل حوالي عُشر العدد الأصلي. وفي يوم 16/2/2014 قالت مارتين نسيركي، المتحدث باسم الأمم المتحدة، إن «وكالة الأونروا أرسلت فريقاً إلى المدخل الشمالي لمخيم اليرموك، بعد التوصل إلى اتفاق بين أطراف النزاع فيه يقضي باستئناف توزيع المواد الغذائية»، مشيرة إلى أن «الفريق لم يتمكن من توزيع الطعام على المحاصرين.
عن وضع اللاجئين الفلسطينيين السوريين في الأردن توقعت الأونروا في عمّان، «مصيراً أشدّ إيلاماً» للاجئين الفلسطينيين في سورية، وكشفت عن تقارير تتحدث عن وجود مئات اللاجئين الفلسطينيين على الجانب السوري على الحدود مع الأردن. وقالت نائبة رئيس المكتب التنفيذي لهيئة الموظفين في الوكالة ليزا جيليام، بأن «هناك تقارير تتحدث عن وجود مئات اللاجئين الفلسطينيين الفارين من النزاع يوجدون الآن على الجانب السوري للحدود مع الأردن». وناشد المفوض العام للأونروا فيليبوغراندي، السلطات الأردنية «معاملة اللاجئ الفلسطيني إسوة بالمعاملة التي يتلقاها نظيره السوري في الأردن»، موضحة أن غراندي «دخل في حوار جدّي مع الحكومة الأردنية بخصوص اللاجئين الفلسطينيين الفارّين من سورية، ولا يزال مستمراً».
وفي يوم 16/11/2013 أعربت وكالة الأونروا عن قلقها العميق في أعقاب استمرار فقدان لاجئي فلسطين في عرض البحر المتوسط الهاربين من الصراع الدائر في سورية منذ أكثر من عامين. وأوضحت الوكالة في بيان صحفي أنه رغم جهودها المستمرة في العمل على لفت الانتباه إلى حدة المحنة التي يتعرض لها اللاجئون الفلسطينيون في سورية، فإن الأونروا ما زالت تتسلم تقارير – بخاصة في الأيام القليلة المنصرمة – عن فقدان لاجئين فلسطينيين كانوا في قوارب تعرضت للغرق قبالة سواحل مصر ومالطة.
إحصاءات وأرقام
يبلغ عدد المسجلين في الأونروا من فلسطينيي سورية يقارب 472,000 لاجئ، وتقوم الوكالة بتشغيل وإدارة 118 مدرسة في مختلف الأماكن في سورية تعمل على تدريس 66,000 طالب وطالبة. وعلاوة على ذلك، تقوم الأونروا بإدارة مركز تدريب مهني في دمشق وثلاث وعشرين عيادة صحية وستة مراكز تأهيل مجتمعي إضافة إلى خمسة عشر مركز لبرامج المرأة.
يبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين في سورية ما يزيد على نصف مليون نسمة، يتوزعون على ثلاثة عشر مخيماً، منها عشرة مخيمات معترف بها من قبل وكالة الأونروا، وهي: مخيم خان الشيخ، مخيم خان دنون، مخيم جرمانا، مخيم سبينة، مخيم السيدة زينب (والمخيمات الخمسة المذكورة تقع كلها في ريف دمشق)، مخيم حمص، مخيم حماة، مخيم درعا، مخيم درعا (الطوارئ)، مخيم النيرب (حلب).
بينما لا تعترف الوكالة بثلاثة مخيمات هي: مخيم اليرموك (جنوب العاصمة دمشق) وهو أكبر المخيمات الفلسطينية في سورية، حيث يضم أكثر من 110 آلاف لاجئ فلسطيني، مخيم الرمل (اللاذقية)، مخيم حندرات (حلب). فضلاً عن تجمعين كبيرين آخرين للاجئين الفلسطينيين في ريف دمشق هما: تجمع الحسينية (قرب السيدة زينب) وتجمع الرمدان (قرب مدينة الضمير). وتنتشر في سورية 110 مدارس ابتدائية وإعدادية تابعة لـلأونروا تستحوذ على النسبة الأكبر من أعداد اللاجئين في سن الدراسة الإلزامي، وتدير الوكالة 32 مركزاً صحياً في المخيمات الفلسطينية والتجمعات الأخرى في سورية.